سأفترض مجرد افتراض أن وزير الثقافة القادم استنجد بي لأمده ببعض النصائح التي قد تفيده في حسن تسيير وزارته وأنه سيعول تعويلا صريحا على خبرتي في الميدان. فقررت ألا أبخل عليه بأفكار بناءة تعبيرا له عن احترامي لشخصه وتقديري لجهده.
أولا :أذكره شامتا وبأسف شديد أن الوزير السابق أهمل نصائحي و ركب رأسه وبقي يتخبط في شراك منصوب منذ أن كانت الوزارة تتبع الإعلام ولم يستطع أن يخرج من شبكة المحيطين به الذين توارثوا المهنة فبقي أسيرا يقضم فترته و ينتظر إقالته موصدا الباب أمام النصح والوعظ والإرشاد و التنبيه والتحذير والملاحظة .
ثانيا :عليه أن يبادر مباشرة بعد حفل التنصيب بتسريح الإطارات و الأعوان أصحاب الضمائر النظيفة و ابعادهم عن المستنقعات خوفا عليهم من الانقراض والسعي لدى اليونسكو لتعتبرهم من التراث العالمي متعللا بأنهم محسوبون على السلف الطالح.
ثالثا: عليه أن يتقبل مني تقريرا مفصلا عن حاشية الوزير السابق و قد أعددته لمثل هذه المناسبة فركزت على فئتين :الفئة الأولى وهي المهتمة بالأمور المالية و الفئة الثانية مختصة بالشؤون القانونية و لو أن الفئتين متلاحمتان في المصالح و نبهت مبيّنا في التقرير السابق إلى أن الفئة المالية تستغل زميلتها القانونية لتتصرف في كل شيء و اعتمدت على مثال حي يعطي فكرة واضحة عن حسن تصرف الفئتين في المصالح الذاتية و العمومية في وقت واحد هذا المثال هو مهرجان قرطاج وما أدراك ذلك أن للمهرجان سيناريو يتكرر كل مرة كالتالي: يختار وزير الثقافة شخصية ثقافية لإدارة المهرجان و يوصيه خيرا بالبرنامج و يعطيه الحرية في التصرف على الورق فإذا اقترب موعد الاتفاقيات والعقود وصبّ الميزانية تنهض الفئة المالية و تلقي الحجر في الماء فيرتد على الضفاف و تفر الشخصية المختارة هاربة بجلدها بعد ندوة صحفية للاعتذار. عندها يخرج قانون المناسبة ليجيز للادارة الوزارية بجميع مسؤوليها الكبار تسيير المهرجان و يلتقي الظرفاء و الطفيليون و المتطفلون و الكل يعرف نهاية السيناريو .
رابعا: :تعويض رؤساء المصالح بحواسيب بنفس الرتبة تضبط مواعيد اللجان و تحدد الملفات في كل جلسة دون تأخير إلى السنة القادمة و لا رمي في سلة المهملات فتضمن الوزارة اكتمال النصاب القانوني لكل جلسة وتضمن كذلك حسن المتابعات لكل البرامج و تصرّ خاصة على المحافظة على المال العام فالحواسيب لم تتعلم بعد الارتشاء و لم ينحرها داء الفساد
خامسا : فتح قسم للدروس الخصوصية المجانية أمام المستشارين الماليين و القانونيين و تشجيعهم بمنحة الحضور ليتعلموا كيف يفرقون بين قانون الجمعيات و قانون التمويل العمومي للجمعيات و ليفهموا ان امتلاك معرف جبائي ليس شرطا في تكوين جمعية واضرب لهم مثلا ان الاسم يمنح للمولود بعد ولادته لا قبلها و ان المعرف الجبائي يمنح للجمعيات بعد تكوينها وصدور اسمها في الرائد الرسمي. و ليفهموا أيضا أن المقصود بالتمويل العمومي للجمعيات هو المال الذي يمنح للجمعيات لتنفيذ برامجها و لمساعدتها على التسيير و لا لشراء الأعمال التي تنجزها بإمكانياتها الخاصة و تبيعها بالفاتورة الى المستهلك و الى وزارة الثقافة(كالمسرح مثلا و اللوحات و الكتب و حتى الأمسيات الثقافية )
لكل ما سبق انصح سيدي الوزير القادم بإبعاد كل الكائنات الكالشة التي تعمل في وزارة الثقافة وان يعول على الحواسيب و الاوراق لا غير و أنا و المثقفون جميعا على يقين بأن الوزير القادم سينجح في مهامه .
ملاحظة: هذه النصائح مجانية لا تخضع للجباية ولا للاتجار.